مسيرات العودة.. مداخل التحليل وآليات الاستثمار
تاريخ النشر: 22/07/2018 - عدد القراءات: 14320
مسيرات العودة.. مداخل التحليل وآليات الاستثمار
مسيرات العودة.. مداخل التحليل وآليات الاستثمار


بقلم: د. إياد أبو زنيط، أ. سليمان بشارات

 تمهيد:

على مدار سبعين عاماً من قيامها، ومنذ لحظة ولادتها المشوهة على الأرض عملت "إسرائيل" على خلق فلسطيني جديد، يؤمن بضرورة السلام معها، ويركن إلى عدم جدوى التصدي لها، وذلك من خلال خلق حالة "تدجين" وإعادة صياغة تفكيرٍ تراكمية، تتقاطع بشكل متكامل مع حالة تغييب بُعد الانتماء والهوية الوطنية للقضية الفلسطينية، التي يمكن أن ترتسم معالمها مع أي مشروع فلسطيني ناهض، يرتكز إلى الثوابت الفلسطينية كأساسٍ للحل، وبعد السبعين عاماً تلك، تقف "إسرائيل" اليوم أمام جيل جديد مناوئٍ لسياستها، بل ولربما أكثر وعياً بقضيته المركزية.

ولعلَّ أحد أبرز المشاهد التي باتت تواجه "إسرائيل" حالة الزخم الشعبي التي تمثلت منذ فترة في المسيرات اللاعنفية، التي انطلقت أولاً كموجات مد بشري اتصلت زمنياً واتصفت بعدم تقطعها بل اتخاذها من يوم الجمعة رمزاً لانطلاقها نحو نقاط التماس مع الاحتلال كمسيرات ترفض الجدار العازل، محاولة تغيير مساره أو وضع حد لقضمه الأرض والإنسان، وعلى غرار تلك المسيرات، وجدت "إسرائيل" نفسها منذ 30/أذار/2018م أمام مسيرات تشبه الأولى في أهدافها كمقاومة سلمية لاعنفية، هدفها تغيير واقع الاحتلال المفروض على الفلسطينيين، هذه المسيرات كانت المرةَ على الجانب الآخر في غزة، حيث شعبٌ محاصر، ضاقت به السبل ذرعاً في ابتكار وسائل جديدة لإجبار محتله على فك حصاره أو التخفيف منه، أو إرسال رسالة للعالم أجمع تبين ما يتعرض له، ولكن؛ ما اصطلح على تسميته بمسيرات العودة والتي تزامنت باكورتها الأولى مع يوم الأرض المميز في ذاكرة الفلسطيني والذي يتفرد بالاحتفال به دون غيره من شعوب العالم، يبدو أنَّه يُمكن استغلالها لتحقيق جملةٍ من الأهداف، منها ما صار واقعاً في ظهوره، ومنها ما قد يتحقق في قادم الأيام، إذا ما أُحسن استغلال حالة الزخم الشعبي المرافقة لتلك المسيرات.

واستناداً إلى ما سبق فإنه، يُمكن النظر إلى تلك المسيرات، وما رافقها من تغيرات وتحولاتٍ، وما قد ينتج عنها من انعكاسات من خلالٍ مجموعة من المداخل يُمكن الاستعانة بها هنا لتفكيها وصولاً إلى سيناريوهات متوقعة قد تستخدمها"إسرائيل" لتقليل تأثيرها وزخمها، وانتهاءً بجملة من النتائج والتوصيات، التي يمكن لصانع القرار الاسترشاد بها،

ومن مداخل التحليل تلك ما يلي:

 

v   مدخل الأهداف والفوائد

لا شكّ أنَّ هناك جملة ً من الأهداف والفوائد التي عكستها مسيرات العودة واقعاً على الأرض، وراكمت مجموعة من المحفزات لتحقيق أخرى، ومن أهمها:

أولاً: إعادة القلق الوجودي إلى الواجهة

في الوَقتِ الذي تَنشَغِلُ فيهِ الكَثيرُ مِنْ دُولِ العالمِ في وَضعِ إستراتيجياتٍ لِمواجهةِ التَحدياتِ السياسيَّةِ والاقتصاديةِ والاجتماعية المُحتملةِ لتطورها ولشبكةِ علاقاتها الداخليةِ والخارجيةِ؛ فإنَّ إسرائيل تنفردُ بالإِضافةِ لذلكَ بِبَحثِ قَضيِة الوُجودِ بحدِّ ذاتها بِشكلٍ دائمٍ؛ إذ لا تَربِطُ إسرائيلُ بينَ التَطوُراتِ الكُبرى في شَبَكةِ الحياة الدوليةِ وبَينَ انعِكاساتِها على الأَنساقِ الفَرعِيةِ في الدَولةِ والمُجتَمَع، بل تَقفُز إلى أَثَرِ ذلكَ على بَقائِها ووجودها، فَفي عامِ 1954م قال "موشيه ديان" في جَنازَةِ صديقٍ له قَتلَهُ الفِدائيونَ الفِلسطينيونَ:" عَلينا أنْ نَكونَ مُستَعديَن ومُسَلَحين، أنْ نكونَ أقِوياءَ وقُساة، حتى لا يَسقطَ السيفُ من قَبضَتنا وتنتهي الحياة".[1]تَصوُرُ النِهايةِ ماثلٌ في العُقولِ إذاً، والتَصدي لَه على أولوياتِ "إسرائيل"، ولعلَّ هذا كُله نابِعٌ مِن مَعرِفَتِهم حقيقةَ الدَولةِ المُزيفةِ التي أقامُوها، وحَتميتُها التاريخِية بالانتهاء، والسؤالُ الذي يَطرحُ نَفسهُ هُنا لماذا هاجِسُ الخَوفِ مِنَ الوُجودِ يُطاردُ الإسرائيليينَ أَكثرَ من غَيرِهِم؟

لَقد أدركَ المُستوطنونَ الصَهاينَةُ أنَّ ثَمَةَ قانونَاً يَسري على كافةِ الجُيوبِ الاستيطانيَةِ تاريخِياً وفِعليَّاً_ كما يرَى الدكتور عَبدْ الوَهابِ المَسيري-، وهُوَ أنَّ الجُيوبَ التي أَبادَت السُكانَ الأَصليين (مثل أمريكا الشمالية واستراليا) كُتبَ لها البَقاء، أمَّا تِلكَ التي أخفَقت في إبادِة السُكانِ الأَصليينَ فَمصيرَها إلى زَوالٍ.

 ويُدرك المُستَوطِنونَ الصَهاينَةُ جَيداً أنَّ جَيبهُم الاِستيطَاني يَنتمي لِهذا النَمطِ الثاني وأنَّه لا يُشكَّلُ أيَّ استثناءٍ لهَذا القانَون. إنَّ إسرائيلَ تُدركُ أنَّها تعيشُ في نِفسِ الأرضِ التي أُقيمت فيها مَمالِكُ الفِرنجَة وتُحيطُ بهم خرائِبُ قِلاعِهِمْ التي تُذَّكِرهُم بِهذهِ التَجرِبَة الاستيِطانيةِ التي أخَفقَت وزالت.[2] فالمَشروعُ الصهيونيّ مُتشابهٌ تَماماً مَعَ الاستِعمارِ الفِرنجِيّ، بلْ هُو نَفسُهُ مَعَ حُلولِ اليَهودِ مَحِلَ المادَةِ البَشرَّية التي كانَتْ في الآخَرِ الفِرنجِي. فأوري افنيري نَشَر منذ الخَمسينياتِ في مَجلَة "هذا العالَم"، تَحذيراتٍ للساسَةِ اليَهودِ مِن مُلاقاةِ دَولَتهِم مَصيرَ دُولٍ استِعماريةٍ سَبقَتها، وقَد ألَّف كتاباً بِعنوانِ "إسرائيل بِدونِ صُهيونية" عَقدَ فيهِ مُقارناتٍ عَديدةٍ بَينَ إسرائيل ودُولٍ استِعماريَة ٍمُشابِهةٍ سَبقَ وأنْ انهارت وفيهِ يَقول:"عامِلُ الزَمنِ ليسَ في مَصلَحتِنا، نحنُ الآنَ في ذُروةِ قُوتِنا، نَحنُ نَتمتعُ بأَفضليةٍ عَسكريَةٍ وتقنية[...]، لكنَّ القُوةَ لا تدومُ إلى الأَبد، الشعوبُ العربيةُ ستتطورُ يَوماً ما وسَتبدأُ موازينُ القُوة ِبالاختلافِ [...]، لَقَد تَمتَعنا حتى الآنَ بِحظٍ تاريخيٍّ، تَعالوا نتَوقفُ عن المُقامَرةِ بمصيرنا".[3]

وهذا كان أولى ما أعادته مسيرات العودة بزخمها البشري إلى العقل الإسرائيلي، لا سيما وأنَّها ترافقت مع إعلان أجهزة الإحصاء المركزي الفلسطيني تفوق الفلسطينيين ديموغرافياً ربما للمرة الأولى بعد 1948م على الإسرائيليين في حدود فلسطين التاريخية[4]، فكانت تلك المسيرات علامةً على دالة ومستثيرة للخوف في نفوس قادة إسرائيل، من طغيان المكون الأصيل صاحب الأرض على الآخر الدخيل في المستقبل القريب.

ثانياً: تعزيز فكرة الالتحام والتماس

فكرة الاشتباك والالتحام مع العدو بمسيرات شعبية، لها أهميتها من حيث كسرها لحاجز الخوف مع الاحتلال في عقل الشارع، المسيرات التي شهدتها حدود غزة، حاول المتظاهرون فيها الوصول إلى نقاط التماس مع الاحتلال على طول أماكن تواجده، الإضافة المحورية التي استطاعت صنعها المسيرات من خلال محاولة الوصول لنقاط التماس، هو أنَّها عززت فكرة الحق الذي يسبق القوة التي قامت "إسرائيل" على عكسها متخذة من القوة سابقةً على الحق، وهو الشعار الذي تبناه بن غوريون أحد مؤسسي "إسرائيل"، فمسيرات العودة بوصولها لنقاط الاشتباك أكدت أنَّ القوة ما عادت قادرة على تخويف الفلسطيني الأعزل وثنيه عن الاشتباك مع المحتل في أماكن التماس.

فضلاً عن تفنيد فكرة القوة تسبق الحق التي استطاعت المسيرات تفتيتها أو على الأقل زعزعتها، حققت المسيرات من خلال وصولها لمناطق الالتحام، نقطة أخرى تمثلت في عدم حصر الفكرة في الاشتباك أو الالتحام على عنصرٍ مقاوم أو متخصص دون غيره، بل نقلت الفكرة إلى عقل المجتمع، الذي بإمكان كل واحد فيه أن يكون مشتبكاً مع محتله حسب موقعه؛ فسابقاً –ورغم انخراط أغلب الفلسطينيين في الدفاع عن حقوقهم- إلاَّ أن فكرة الاشتباك أو المقاومة كانت مرتبطة بعنصر معين من الشباب أو أبناء التنظيمات، وتحولت اليوم إلى ما هو أوسع من ذلك، وهو انخراط الشعبي فيها، وهذا يعني مزيداً من الوعي بأهمية تحصيل الحقوق من خلال التكاتف الجماهيري، والمساهمة في ذلك كل حسب إمكانياته.

ثالثاً: الوعي بحق العودة

منذ فترة ليست بالقصير عانى حق العودة من الغياب في فكر بعض الفلسطينيين، أي في عقلهم، ولربما لم يأخذه مكانته على طاولة البحث، فعلى المستوى السياسي أصبح الحديث عن إقامة الدولة هو الشعار الذي ترفعه القيادة الفلسطينية، دون الحديث عن حق العودة، ولم تكن العودة محور اهتمام أول عند الحديث عن العلاقة مع "إسرائيل"، فضمن اتفاقية أوسلو يعتبر حق العودة ضمن اتفاقيات الوضع النهائي، ومع تدهو العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية بعد انتفاضة الأقصى الثانية ودخول المفاوضات مرحلة الشد والجذب، أصبح الحديث يدور عن إقامة الدولة، وتجميد الاستيطان أو الحد منه، بعيداً عن حق العودة.

 وقد يكون سبب الغياب زيادة على تراجع الموضوع في فكر الفلسطيني حالة الاعتياد على عدم ذكره، والتي أزاحته جانباً من أمام الوعي المجتمعي بأهميته، فأصبح حتى في نطاق الشارع لا يجري الحديث عنه، باعتباره ثابتاً أصيلاً حين الحديث عن أي حل مستقبلي للعلاقة مع الاحتلال، وكأنَّه بوجود أجيال جديدة ولدت من رحم الأجيال التي هجرت، أصبح حق العودة طارئاً وانفصل عن ذاكرة من عايشوه.

تراجع الوعي بحق العودة مع ظهور مشاريع جديدةٍ كحل الدولتين، وتحول الوعي بذلك الحق من مكون أول لا دولة بدونه، إلى حق إقامة الدولة، وبسبب التركيز على إقامة الدولة، أخذ الجيل الحديث يظن أن لا حقوق للفلسطينيين إلا تلك المتعلقة بإقامة الدولة، وغياب الوعي بحق العودة رافقه تأثير سلبي على قدرة القيادات الفلسطينية على حشد الطاقات فضلاً عن تراجعٍ في مكانة القضية الفلسطينية.

ومن هنا، شكلت مسيرات العودة بزخمها البشري مداً جديداً يبث الوعي في صفوف الأجيال الجديدة فلسطينيةً وعربية إلى ضرورة إعادة ترتيب الأولويات عند الحديث عن الثوابت الفلسطينية.

ولعل من أكثر ما قد يقلق "إسرائيل" أن يعود إلى مسامعها من جديد من يُطالب بحق العودة، ذلك الحق الذي أصبحت تُقنع نفسها أنَّه آخذ في التلاشي في كل يومٍ يفقد فيه أحد الفلسطينيين المهجرين حياته، وقد ينتهي مع انتهاءِ آخرهم، إن مطالبةً كهذه تستهدف "إسرائيل" برمتها، فتنفيذ حق كهذا يقلب معادلةً سكانية لطالما حرصت "إسرائيل" على إبقائها متفوقةً على مُعادلها الديمغرافي الفلسطيني بعاملين أساسيين متمثلان بالزيادة السكانية الطبيعية والهجرة، ويُحول دولة "إسرائيل" إلى فلسطينية بحتة بفعل الديمغرافيا التي حذر مفكري الكيان منها كثيراً، واستغرقوا وقتاً في كتابة احتمالات تحققها، ، وفي هذا السياق يقول أري شبيط:

"إن حاملة الطائرات الإسرائيلية، التي تبلغُ مساحتها 20 ألف كم مربع فقط، تشعر بأنها قادرةٌ بفضل قوتها الاقتصادية والأمنية، على تصريف حياةٍ مستقلةٍ ليست لها صلةٌ بمحيطها. لا توجد أمةٌ هي جزيرة، فكيف إذا كانت أمة من 8 ملايين إسرائيلي، محاطين بـ350 مليون عربي، أو أمةٍ فيها 6 ملايين إسرائيلي يتقاسمون الأرض مع 5 ملايين فلسطيني، يبدو فعلاً أنَّ الإسرائيليين باتوا يؤمنون بأنهم جزيرة".[5]

وقد سبق وأن قال المؤرخ اليهودي بني موريس في مقابلته الشهيرة مع الصحفي آري شفيط والمنشورة في صحيفة هآرتس: "إن كانت نهاية القصة ستكون سيئة من وجهة النظر اليهودية فإن سبب ذلك يعود إلى أنَّ بن غوريون لم يكمل الترانسفير عام 1948م، لأنه أبقى مخزوناً ديموغرافياً كبيراً ومتفجراً في الضفة وغزة وداخل إسرائيل نفسها"،  ويضيف في إجابته على سؤال لاحق :

"إن عرب إسرائيل هم قنبلة موقوتة، وانزلاقهم نحو فلسطنة كاملة حولتهم إلى امتداد للعدو في داخلنا، ومن حيث القدرة فإنهم طابور خامس ديموغرافي وأمني على حد سواء ويمكنهم تقويض الدولة، وهكذا إذا وضعت إسرائيل مرة أخرى في وضع تتعرض فيه لخطر وجودي كالذي كان عام 1948م، يمكن أن تضطر للعمل مثلما فعلت آنذاك، والإبعاد يغدو مبرراً".[6]

 ولربما كان ذلك التفكير أحد الأسباب التي دعت "شارون" أساساً إلى الإنسحاب من غزة التي رأي فيها خطراً ديمغرافياً يشد في الحضور، حسب ما يُشير إلى ذلك "أرنون سوفير" عالم الديمغرافيا الذي كان أحد مثيري فكرة الانسحاب تلك في عقل الصهاينة.[7]

حق العودة كذلك قضيةٌ يمكن اعتبارها رابحة دبلوماسياً، ففي عالم بات مجتمعه أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين، وأقل من ذلك مع اليهود اللذين شهدوا تعاطفاً منقطع النظير بعد العام 1945م، صار بالإمكان اليوم استخدامه كورقةِ جلب لتعاطف دولي لأن القوانين الدولية والشرائع والاتفاقيات والمواثيق، لا يُوجد فيها اختلاف بشأن حق كل إنسان مهجر بالعودة لوطنه وممتلكاته، ويُمكن قياس التنامي في التعاطف من خلال زيادة حركات المقاطعة "لإسرائيل" عالمياً.[8]

إن استثمار فكرة حق العودة وتعزيز الارتباط به، وإعادته للصدارة، يُمكن أن يتفوق على فكرة إقامة الدولة، ويخلص القيادة الفلسطينية من ضرورة الإصرار دائماً على إقامتها ضمن حدود الرابع من حزيران، بل رُبما يُمكن ترويج فكرة العودة كحق ضمنه أولى القرارات المتعلقة بفلسطين والمتمثل في قرار التقسيم لعام 1947م، والذي اعتبر أن الفلسطيني ولو كان ضمن حدود الدولة اليهودية فإن له كافة الحقوق المدنية والسياسية ولا يجوز تحت أي ظرف مصادرة أملاكه إلاَّ للضرورة، وهو أيضاً ما أكد عليه القرار 194 الذي اعتبر العودة والتعويض حقان متلازمان.

ليس أدل من خوف "إسرائيل" من الفكرة المعروضة سابقاً، سعيها بكل قوتها إلى شيطنة مسيرات العودة، وإلصاق تهمة الإرهاب بها، مستفيدة بذلك من تذرعها بقيادة حركة حماس لتلك المسيرات والمصنفة على كونها حركة إرهابية، ناهيك عن محاولة إظهار المتظاهرين كأنهم رعاع في الإعلام الغربي.

رابعاً: إعادة غزة إلى الواجهة

فكرة الخروج الجماعي بمسيرات يُشارك فيها الكل على اختلاف أعمارهم، وأجناسهم، أعادت إلى الواجهة، أنَّ هناك مجموعة بشرية محاصرة، في بقعةٍ جغرافية ضيقة، تُعاني حصاراً مشدداً، ضيق عليها رزقها في العمل والسفر والعلاج، إن خروجاً كهذا يرافقه تصور عالمي بحجم ما يتعرض له أصحابه من خنق وتجويع، وإلاَّ فما داعي الأعداد المصاحبة للمسيرات والملبية لدعواتها، إن أمراً مثل هذا يعني أن أصحابه ليس لديهم ما يخسرونه ولا شيء آخر.

 المسيرات الجماعية هذه جنت فائدة أخرى تمثلت في الدفاع عن الحق ومحاولة تحصيله كقطعة سكانية واحدة، بعد أن فشلت كل الدعوات للنظر إلى مرضى غزة كحالات إنسانية منفردة، ولعلَّ ما يدعم هذه الفرضية مدى التأثير الذي أحدثته المسيرات في وسائل الإعلام العالمي، في وقت تتسارع فيه المتغيرات وتحتل ساحات أخرى الصدارة بعيداً عن غزة ومعاناتها، لذا كانت الوسيلة فعالةً في لفت النظر إلى غزة مجدداً.

بالإضافة إلى ما سبق، أظهرت المسيرات مدى العنف المستخدم من الطرف الآخر الذي استهدف كل المتظاهرين فأوقع في صفوفهم ما يزيد عن ألف إصابة، زيادة على الشهداء.

خامساً: كبح حالة التفرد السياسي الفلسطيني

في أعقاب حالة الانقسام السياسي في العام 2007، وعلى مدار أحد عشر عاماً، استفحلت حالة التفرد السياسي في المنظومة السياسية الفلسطينية وتجلت هذه الحالة في بقعتين جغرافيتين (رغم وجودها المسبق المتمثل في تفرد حركة فتح بإدارة السلطة ومؤسسات منظمة التحرير)، ففي الضفة الغربية تعمقت حالة تفرد السلطة الفلسطينية بكل مكونات النظام، وفي قطاع غزة بات الواقع يفرض على حركة حماس إدارة القطاع بشكل منفرد.

وفي كلتا الحالتين، وإن كان ينظر كل منهما للآخر أنه هو المتفرد من طرفه، إلا أن هناك حالة من ضياع البوصلة الأساسية التي حاولت إسرائيل أولا استغلالها، كما هو الإقليم والعالم استغلالها من طرفه، في تعزيز حالة التفرد السياسي فلسطينيا بهدف تعزيز الطروحات المستقبلية القائمة على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي من خلال تعزيز المصالح دون الدخول بأي حالة مواجهة.

ولم تنجح كل اتفاقيات إنهاء الانقسام في تعزيز واقع فلسطيني واحد كما كان عليه قبل أحد عشر عاماً، ولن تنج في المنظور القريب نتيجة التركيبة الإقليمية والعالمية المؤثرة في القضية الفلسطينية، لذا فإن مسيرة العودة التي تنطلق من الهم الوطني بعيدا عن الاصطفاف الحزبي قد تكون فرصة في تحقيق ما لم تستطع تخقيقه باقي الدبلوماسية البينية بين شقي الوطن، وهو ما يعني أن هذه الفرصة الأكثر إمكانية لتعزيز المفاهيم الوطنية لمحو ما تعزز خلال أحد عشر عاما من مصطلحات الإنفراد والتفرد.

 

v    مسيرات العودة في صدارة الإجماع الفلسطيني

كمدخل آخر يمكن من خلاله النظر إلى مسيرات العودة، لا بُد من الحديث عن مركزها في الإجماع الفلسطيني، فمنذ سنواتٍ عديدة كانت الضفة الغربية مركزاً أساسياً للمسيرات السلمية وتبنتها قبل غزة، وطالبت جهات عدة بتبني المقاومة السلمية كأحد أدوات التحرير، فكانت حاضرةً في مسيرات بلعين والنبي صالح والمعصرة وغيرها من قرى الضفة، وكان لها صداها الملموس عالمياً وليس آخر ذلك اعتقال عهد التميمي أحد من تبنى أبناء قريتها فكرة المقاومة السلمية.

إن فكرة المقاومة السلمية في الضفة رغم ما يعتريها من نقائص إلاَّ أنَها أسست لتعاطف دولي جيد، وقامت على نقض رواية الآخر، والتي روجت لها "إسرائيل" وحاولت من خلالها أن تُظهر للعالم أنَّها تواجه قوة عسكرية تهدف إلى إنهاء وجودها، خاصة في غزة، نقضتها المقاومة السلمية في الضفة وأظهرت الفلسطيني متبعاً لأسلوب جديد قائم على تعرية الآخر.

في غزة لم تكن الفكرة حاضرةً لدى القيادة هناك، لعوامل مختلفة، إصرار "إسرائيل" على إنهاء حكم حماس بالقوة، وشنها حروباً عديدة على القطاع، ولربما عدم وجود قناعة كافية لدى حماس بفكرة المقاومة الشعبية كأداة تحرير، في الآونة الأخيرة وفي ظل توتر الأوضاع في المنطقة وفي ظل ما تتعرض له غزة وشعبها، بات من غير المعقول التفكير بخيارات المقاومة المسلحة كنقطة بدء لإنهاء الحصار، لأنَّ أمراً كهذا سيعني مزيداً من منح "إسرائيل" لأوراق تُثبت سعي القيادة في غزة إلى استخدام القوة.

من هنا، كان التفكير خارج الصندوق، وكانت مسيرات العودة، التي استساغتها القيادة في الضفة، ووجدت القيادة في غزة فيها وسيلة ضغط جديدة يُمكن استخدامها لاستعادة جزءٍ من الحقوق، فحينما تمَّ الدعوة للمسيرات من قبل حركة حماس، أعلنت فتح كذلك نيتها المشاركة فيها.

سلميتها أزاحت عن كاهل فتح في غزة فكرة الدخول في صراع مع امتدادها في الضفة، فلا هي بمشاركتها تبنت فكرة حماس ومنهجها، ولا حادت عن فكرة فتح في الضفة، لذا كانت مسيرات العودة أحد الأشياء الرابطة في العلاقة بين الحركتين صاحبتا النفوذ.وهو الأمر الذي يُمكن من خلاله تبني إستراتيجياتٍ مشتركة

مستقبلاً.

v    مسيرات العودة رد على صفقة القرن

قد يكون من المبكر إطلاق مقالات أو تحليلاتٍ تعتبر مسيرات العودة إفشالاً لصفقة القرن، أو دفناً لها، ولكن؛ من المنطقي اعتبارها رداً على تلك الصفقة، وأحد المعيقات التي لا بُد من إعادة النظر لها حين الحديث عنها.

صفقة القرن ذلك الإطار المرسوم لعملية إدخالٍ جديدةٍ "لإسرائيل" ضمن المحيط العربي بقبولٍ واسع من الحكومات والقادة، والمتزامن مع حملاتٍ يقودها مثقفي بعض تلك الأنظمة، لترويج "إسرائيل" على أنَّها ركيزة أساسية وضمانة وجود في ظل شيطنة دولٍ أخرى وتعظيم مشاريعها التي تستهدف الدول العربية ذات العلاقة مع "إسرائيل"، وكذلك لزعزعة قضية الحق التاريخي للفلسطينيين بأرضهم، وإدخال العربي أيضاً في دائرة الشك بالفلسطيني، فقد ظهر بعض من رأى أحقية اليهود في القدس، بل واعتبرهم عادوا إلى وطنهم الأصلي، في حالة شذوذٍ مريبة عن مسلمات لا يحيد عنها أصحاب التيار القومي أو الإسلامي أو كل من أمتلك درجة بسيطة من الوعي بتاريخ الصراع العربي الفلسطيني.

غزة كانت حاضرةً بقوة في صفقة القرن كمتغير جيوسياسي، فقد جاءت ضمن مشروع تسوية يقتضي توسيعها جغرافيا باتجاه سيناء، على أن تأخذ السعودية بالمقابل جزءاً من أراضي النقب الإسرائيلية، لتنفيذ مشروع نيوم، بحيث يُمثل ذلك الاقتطاع تشابكاً للحدود بين أربعة دولٍ في ذلك المشروع، "إسرائيل" والسعودية والأردن ومصر.

 استهداف غزة بالتوسيع، يحمل في طياته مساعدة "لإسرائيل" على حل مشكلة العنصر السكاني المتزايد وبقوة على حدودها، كهدف أول، وقد يدخل الفلسطيني الإنسان في صراع مع الآخر المصري كهدفٍ ثانٍ، ففي حال أي تغير لموازين القوى في المنطقة أو للقيادة المصرية سيصبح الفلسطيني محتلاً، وقد يتعرض لحملاتٍ أخرى من التهجير وهذا أمراً غير مستبعد.

على أية حال، تأتي مسيرات العودة باسمها وفعلها، تحذيراً لمخططي صفقة القرن من أنَّ الفلسطيني لا ينوي الذهاب باتجاه حدود الآخر أو أرضه، وإنَّما ينوي العودة إلى المربع الأول الذي تناثر من للعالم، أرضه السليبة، حيث حقه، فاللجوء مرفوض مرةً أخرى، بعد ما عاناه سابقيه.  

v    "إسرائيل" ومسيرات العودة

من خلال العرض السابق تبين مدى تأثير مسيرات العودة على "إسرائيل" ولذلك قد تتبنى الأخيرة في المواجهة مجموعة سيناريوهات لتقليل زخم تأثير المسيرات أو الحد منها، ومن السيناريوهات المتوقعة ما يلي:

أولاً: ضبط النفس

قد تسعى "إسرائيل" إلى محاولة التروي في التعامل مع المسيرات حال استمرارها، معولةً في ذلك على طول الفترة الزمنية، وتأثيرها على قتل الروح الجماعية للمشاركة في المسيرات. هذا السيناريو مستبعد التنفيذ، من ناحية أولى الفلسطيني المشارك في المسيرة لن يؤثر عليه طول المدة الزمنية ولا ضبط النفس من عدمه من قبل المحتل، طالما المعضلة الأولى في خنقه وتجويعه ما زالت قائمة، فحالة الخسارة عنده أكبر من الربح في عدم المشاركة.

ومن ناحية أخرى، فإن جيش "إسرائيل" لن يستطيع التكيف مع أعداد ضخمةٍ تُشارك كل أسبوع في مسيرات، وسيقع في مصيدة استنزاف القوى، لذا سيلجأ للقوة على الأغلب.

ثانياً: المواجهة العسكرية

أحد السيناريوهات التي قد تُفكر "إسرائيل" فيها جدياً لإنهاء مسيرات العودة، استفزاز حركة حماس وإجبارها على الدخول ف مواجهة عسكرية مع "إسرائيل"، من خلال تنفيذ مجموعة من الاغتيالات أو تصعيد الهجمات على القطاع.

إذا ما حصل ذلك، واستدرجت حماس إلى المربع المرسوم، ستكون رهانات "إسرائيل" ربحت على مستويين، أولها توجيه ضربة عسكرية قويةٍ لحماس وبنيتها، ومحاولة إثارة الشعب المنهك في غزة عليها، وثانيهما تأكيدها للعالم على ما تردده دائماً من كون حماس حركة إرهابية، وستتمكن من إنهاء مسيرات العودة. وهذا السيناريو مرجح التنفيذ "إسرائيلياً"، خاصة في ظل حكومة متطرفة كالمتربعة على السلطة في "إسرائيل"، وفي ظل ظروف إقليمية تبعد دول المنطقة والعالم عن غزة، في الوقت الذي تتصدر فيه الأزمة السورية المشهد.

إذا ما فشلت "إسرائيل" في استدراج حماس لتلك المواجهة، ستكون النقطة الأبرز التي كسبتها الأخيرة، ترويج نفسها على أنَّها حركة احتجاجية غير عنيفة، وقد تضرب بذلك أسس الدعاية "الإسرائيلية" التي تمَّ الترويج لها دائماً.

ثالثاً: تخفيف الحصار

أحد السيناريوهات المطروحة للحل، قد يكون تبني "إسرائيل" لفكرة تخفيف الحصار عن غزة، هذا السيناريو ذو فوائد مزدوجة على الأطراف مجتمعة، فمن ناحيةٍ أولى يتبناه العديد من "الإسرائيليين"، باعتباره يوقف التفكير في المواجهة ويحد منها، إذا ما أُخذ بالحسبان الحالة في غزة كمدعاةٍ للخروج في المسيرات، سَيريح "إسرائيل" من مواجهات محتملة، وقد تتبناه مرحلياً لإفشال المسيرات لفترة زمنية معينة، فتحسين الوضع موازٍ لعدم الخروج.

فلسطينياً قد يمنح سيناريو كهذا حماس مساحة أكثر للتحرك، وقد يُزيح عن كاهلها، عبء مواجهة المجتمع الذي بات يُعاني من الوضع القائم، ولنفس السبب هذا تتقلص فرص الموافقة عليه "إسرائيلياً" خاصة على مستوى القيادة، التي ترى في أي فرصة للحل، توفيراً لعوامل نجاح لحماس، وإعطائها محفزاتٍ لتحقيق هدفها السياسي.

وفي ضوء المطروح من سيناريوهات تبقى فرصة استدراج حماس لمربع المواجهة العسكرية الخيار الأمثل "لإسرائيل"، والأكثر تكلفة للأخرى، ولا سبيل لتفويته إلاَّ بمزيد من المسيرات مصحوباً بمزيد من الحذر.

v   النتائج والتوصيات

في نهاية الورقة، يمكن القول، أنَّ مسيرات العودة باتت خطوة في الاتجاه الصحيح، على طريق استخدام كل الإمكانات المتاحة لدفاع الفلسطيني عن أرضه وحقوقه، فهي مصدر إجماع فلسطيني، منها يُمكن إعادة حق العودة للصدارة مجدداً، واستثارة القلق بالوجود مرةً أخرى في نفس "الإسرائيلي"، مثلما تعتبر رفضاً صريحاً لصفقات يجري من خلالها القفز عن الفلسطيني وكأنه ليس المكون الأصلي المقيم في حيز فلسطين الجغرافي، منذ الكنعانيين.

كل ذلك يتطلب، وحتى يُصبح أمراً واقعاً على الأرض، له تأثيره المنشود لا بُدَّ من العمل على عدة محاور لإبقاء تلك المسيرات فعالة، ولمراكمة تأثيرها عبر أسابيعها المنطلقة فيها، ولتعظيم نتائجها ومن ذلك:

·        الحفاظ على سلمية الحراك، وهي النقطة المفصلية الأولى في البقاء، حجم التعاطف مع المسيرات والتفاعل عنها يعتمد بلا شك على مظهرها السلمي، الذي يعني النجاح فيه نجاحاً في نقض الرواية "الإسرائيلية" الزائفة باستخدام القوة من مواطني غزة. سلمية الحراك تعني مزيداً من استدرار دعم دول أخرى للحق الفلسطيني.

·        الابتعاد عن الفصائلية، حيث يعني ذلك إشراكاً لكل الفصائل الفلسطينية في مسيرات العودة وليس اقتصارها على حركة تحكم القطاع بعينها. العمل الجماعي في مسيراتٍ كهذه يتطلب مزيداً من الانفتاح على الآخر لتحقيق الإنجاز. دعت حركة حماس للمسيرات في غزة، وبسبب طابع المسيرة قدرت حركة فتح أنَّ المشاركة فيها أمراً مستحباً وكذا فعل الآخرون. النمط المقاوم الذي يتفق الأطراف على المشاركة فيه يُعد ناجحاً ويحفر تأثيره، ولو كان بطيئاً.

·        القدرة على الحشد، مسيرات عدة انطلقت في فلسطين، ولكنها لم تتميز عن غيرها، هنا المسيرات الفاعلة، يمكن تمييزها من خلال نقطتين، تتابعها الزمني واستمراريتها كما حصل في بلعين والمعصرة وغيرها من قرى الضفة. أو في مدى زخمها البشري وهو الذي امتازت به مسيرات العودة إن تلاقي النقطتين القدرة على الحشد والتتابع الزمني، يعني نجاحاً كبيراً لمسيرات العودة. ولكن؛ ترتبط القدرة على الحشد بمدى نجاح منظمي المسيرات بإبعاد الفلسطيني عن مناطق الخطر، والتنظيم الجيد للمسيرات.

·        الالتزام، يُمكن لمسيرات العودة النجاح في حال تجاوزها نقطة الاعتياد، بحيث تخبو وتصبح أمراً مستهلكاً، ذلك يتطلب التزاماً من السياسيين والقادة لتحقيق الالتزام الشعبي، ويتطلب البحث عن أفكار جديدة وشعارات لكل  مسيرة أسبوعية كعوامل تحفيز تُساعد في تحقيق الالتزام.

·        القدرة على التوظيف السياسي، فلا شك أن هناك أهداف وضعت أمام القائمين على مسيرات العودة، وبالتالي يتطلب في المقابل القدرة على المناورة، إلى جانب القدرة على طرح الخيارات والبدائل لتحقيق أقصى إمكانية من الاستفادة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.



[1]عصام شريح، "حين يتحدث إسرائيليون عن نهايةٍ محتومة"، صحيفة العربي الجديد، 29/تموز/2015م. كما ورد هذا النص في مقالة لعبد الوهاب المسيري بعنوان، "نهاية إسرائيل"، أُنظر الرابط التالي:

http://www.elmessiri.com/articles_view.php?id=36

 

[2]عبد الوهاب المسيري، "الصهيونية واليهودية"، حوارات أعدتها سوزان حرفي، دمشق: دار الفكر، الطبعة الأولى، 2009م، ص102.

[3]عبد الوهاب المسيري، "الصهيونية واليهودية"، مرجع سابق، ص 105.

[4] جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، "النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017م"، لمزيد من المعلومات، أنظر الرابط التالي: http://www.pcbs.gov.ps/portals/_pcbs/PressRelease/Press_Ar_Preliminary_Results_Report-ar-with-tables.pdf

[5]ماجد كيالي، "تحولات إسرائيل في عالم متغير"، رام الله: منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، 2013 ،ص 18.

[6]"بني موريس: حقائق وتحديات"،صحيفة "هآرتس الملحق، 9/1/2004م، ص 18-21.

[7] أرنون سوفير و يفغينا بتسروف، "إسرائيل ديموغرافياً: 2010م-2030م"، ترجمة: سليم سلامة، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، مدار، رام الله: مجلة قضايا إسرائيلية، العدد 55، 2011م، ص 30.

[8] عمر البرغوثي، "حركة مقاطعة إسرائيل BDS"، بيروت: مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 25، العدد 99، صيف 2014م، ص 2.

تم طباعة هذا المقال من موقع يبوس للإستشارات والدراسات الاستراتيجية (yabous.info)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)