بقلم: الدائرة الإعلامية
استضافت مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية ندوة حوارية نقاشية حول "الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية"، تحدث فيها الرئيس التونسي الأسبق والمفكر العربي الدكتور المنصف المرزوقي.
وأدار الندوة الدكتور إياد أبو زنيط الباحث في مؤسسة يبوس والمحاضر في جامعة الاستقلال، الذي حاور الضيف حول مختلف القضايا التي أثارتها الحرب العدوانية على قطاع غزة على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بالمستوى العربي رسميا وشعبيا.
ونوّه المرزوقي إلى أن الموقف العربي الرسمي لا يرقى لمستوى الحدث، مستعيدا ذكرى حرب 2014 التي كان خلالها يشغل منصب رئيس الجمهورية التونسية وتفاعل المستوى العربي الرسمي خلالها مع الحرب الذي وصفه بأنه كان دون المستوى المطلوب إلى أبعد حدود.
كما وضح أن الأسباب التي دفعت المقاومة الفلسطينية لتنفيذ عملية "طوفان الأقصى" تكمن في الظلم والعنف والاستعمار الصهيوني الذي يمارس على الشعب الفلسطيني دون رقيب أو حسيب، وأنه لم يكن أمام المقاومة الفلسطينية خيار آخر، لأن الاحتلال دمر كل فرصة للتسوية السلمية، خاصة اتفاق أوسلو.
وأوضح أن الرواية الإسرائيلية والغربية، التي تحاول حرف الأنظار عن القضية الأساسية، تتهاوى وتفقد التأييد لها في الغرب، بسبب المجازر الصهيونية الوحشية في قطاع غزة، وعدم قدرة الإعلام الرسمي الغربي على الهيمنة على الصورة. وأشار إلى أن الغرب فيه حركة شعبية مناهضة للاستعمار والإمبريالية، وكانت فعالة خلال الحرب في فييتنام، وما زالت فعالة ومتطورة خلال الحرب على غزة، ولذلك يجب على العرب أن يوصلوا صوتهم لهذه الحراكات ويعملوا على الدفاع عن الموقف والرواية الفلسطينية، لأن هذا الأمر له تأثير مهم على موقف الحراكات الغربية المناهضة للاستعمار. وهنا يأتي دور النخب العربية التي عليها أن تعمل بكل جهدها في الدفاع عن الرواية العربية وأيضا توجيه بوصلة الشعوب العربية إلى قضاياها الأساسية.
وتطرق المرزوقي إلى إمكانية أن تفضي هذه الحرب إلى مسار سياسي، منوها أن الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية، كانت قد صنفت كل حركات المقاومة والتحرر سواء في فييتنام والجزائر وأفغانستان على أنها حركات إرهابية، ولكنها في النهاية اضطرت للتفاوض معها حول المستقبل السياسي للبلدان المستعمرة والمحتلة. فالتفاوض بالأساس يجري بين الخصوم والأعداء لإحلال السلام، وليس بين الأصدقاء، ما يعني أنه على الرغم من كل هذه الهجمة على المقاومة الفلسطينية إلا أن أمريكا وغيرها قد تجد نفسها مضطرة للتفاوض معها حول مسار سياسي يفضي إلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
كما أشار إلى الآثار والتبعات التي أحدثتها عملية طوفان الأقصى، وكل عمل المقاومة في السابق، حيث أن لها تبعات على دولة الاحتلال التي لم تعد مكانا آمنا لليهود، ليس في داخلها فحسب وإنما في كل العالم. فالمجازر الإسرائيلية الفظيعة قد ضاعفت حوادث ما يسمى "معاداة السامية" ضد اليهود في كل العالم. وأيضا فهذه الحرب قد تفتح الباب على توسع الصراع وانخراط أطراف أخرى فيها، ما سيكون له آثار مدمرة على المنطقة، لن تكون الولايات المتحدة ولا دولة الاحتلال أو الأنظمة العربية في مأمن منها.
هذا، وقد لاقت الندوة حضورا لافتا وشهدت حوارا ونقاشا مباشرا بين الحضور والمرزوقي الذي وضح الكثير من الأمور المتعلقة بالموقف الغربي رسميا وشعبيا، بحكم إقامته في أوروبا واحتكاكه بمجريات الأمور فيها طوال عشرات السنين.
وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة ندوات بدأت مؤسسة يبوس بتنفيذها منذ بداية الحرب على غزة، لتضع المهتمين والباحثين في في صورة الأحداث من خلال الانخراط في نقاشات وتحليلات مع خبراء ومختصين في مختلف الشؤون التي تثيرها تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة.
© جميع الحقوق محفوظة
(طباعة)